ولد لكم اليوم
يحتفل العالم الأرثوذكسي بعيد ميلاد السيد المسيح من السيدة العذراء ذلك الميلاد الفريد الذي لم ولن يتكرر والذي يدل علي محبة الله الفائقة للبشر .. لقد ولد السيد المسيح وأخذ طبيعتنا البشرية ليسمو بهذه الطبيعة ويعيدها إلي صورتها التي كانت عليها يوما ولكنها تشوهت بالخطية وصارت الخليقة كلها تحت حكم الموت . جاء السيد المسيح إلي العالم واختار أن يولد فقيرا ومن عذراء فقيرة ليثبت أن الفقر ليس هو خلو الجيوب بل فراغ الروح فصار الغني فقيرا " لكي نستغني نحن بفقره " ( كو 8 : 9 ) جاء بتعاليم سامية للبشرية كلها مساويا بين الجميع الغني والفقير والرجل والمرأة وبارك الروابط العائلية وقدس الحياة الزوجية فأصبح الكل عضوا في جسده .. لم يقتني السيد المسيح شيئا من مقتنيات العالم ولم يشتهي شيئا فاختار أن يولد في مذود ليس له وفي خدمته طاف البحيرة في سفينة ليست له وحتى عندما دخل أورشليم امتطي أتانا ليس له و في موته وضع في قبر ليس له . عاش فقيرا وهو الذي يعطي الكل من جوده وكرمه ولم يكن له " أين يسند رأسه " وكان يوضح للجميع أن " مملكته ليست من هذا العالم " .. لم يأتي للأغنياء وذوي الألقاب ولكنه شاء أن يكون الرعاة الساهرين هم أول شهود لميلاده ليعلمنا معني الخدمة والرعاية والسهر علي الرعية . صار ابنا للإنسان لكي نصير نحن أبناء لله ونولد له بالميلاد الجديد الذي أعده للبشرية فلن يموت الخاطئ بخطاياه ولن تكون " السماء التي فوقه نحاسا والأرض التي تحته حديدا " ( تث 28 : 23 ) بل أصبح لنا رجاء في حياة أبدية لا نعرف فيها اليأس ولا الحزن ولا التنهد فلقد جاء السيد المسيح ومعه العفو والغفران فلن تنتهي حياتنا في تلك الحفرة الضيقة المظلمة بل أصبح الموت هو بداية حياة جديدة سنحياها مع الله ولن يحول بيننا وبينه عائق .