1 ـ في مثل هذا اليوم تنيَّح الأب القديس الناسك الأنبا شنوده رئيس المتوحدين. وقد وُلدَ هذا القديس ببلدة شندويل من أعمال أخميم. وكان أبوه مُزارعا يملك أغناما كثيرة. ولمَّا نشأ شنوده سلمه أبوه رعاية الغنم. فكان يرعاها ويُعطي غذاءه للرعاة، ويظل هو صائما طول يومه. وأخذه أبوه ومضى به إلى خاله الأنبا بيجول ليُبارِكه، فوضع الأنبا بيجول يد الصَّبي على رأسه وقال: " بارِك علي أنت، لأنك ستصير أبا لجماعة كثيرة ". وتركه أبوه عنده ومضى.
وفي ذات يوم سمع صوت من السماء قائلا: " قد صار شنوده رئيسا للمتوحدين ". ومن ذلك الحين صار يجهد نفسه بالنسك الزائد والعبادة الكثيرة. ولمَّا تنيح الأنبا بيجول حلَّ شنوده محله، فاتبع نظام الشركة الرهبانية، الذي وضعه القديس باخوميوس، وأضاف عليه تعهدا يوقعه الراهب قبل دخوله الدير. وبلغ عدد الرهبان في أيامه 1800 راهب. ولا يزال هذا الدير قائما حتى الآن غرب سوهاج، يضم كنيسة ويُعرف بدير الأنبا بيشوى. وبنى الأنبا شنوده ديرا آخر، بلغ عدد رهبانه 2200 راهب ومازال حتى الآن، يضم كنيسة، ويُعرف بدير الأنبا شنوده.
وحدث أن قائدا في الجيش، استأذنه ليُعطيه منطقته ليلبسها أثناء الحرب، لكي ينصره اللـه، فأعطاها له، وانتصر فعلا على أعدائه. وصار الأنبا شنوده ضياء لكل المسكونة بعظاته ومقالاته، والقوانين التي وضعها لمنفعة الرهبان، والرؤساء والعلمانيين رجالا ونساءً.وقد حضر مجمع المائتين بأفسس مع الأب القديس البابا كيرلس الرابع والعشرين. وبكتَ نسطور المُجدِّف. وعند نياحته طلب من تلاميذه أن يسندوه حتى يسجد لخالقه. فسجد ثم أوصاهم أن يترسموا خطاه وقال لهم: " أستودعكم اللـه " وتنيح بسلام.
2 ـ وفي مثل هذا اليوم أيضا: استشهد القديس إغناطيوس ( 1 ) في رومية سنة 107 م. هذا الذي انتخبوه أسقفا على أنطاكية بعد القديس بطرس الرسول في سنة 69 م وذلك في عهد الملك تراجان الذي لمَّا علم أن هذا القديس قد اجتذب بتعاليمه كثيرين إلى الإيمان بالسيد المسيح استحضروه وسأله: " هل أنت إغناطيوس الثيئوفورس؟ " فأجابه " أنا هو ". فاستفهم منه عن المعني المقصود من اسمه. فأجابه معناه : " حامل اللـه ". فقال له: " أتظن أننا لا نحمل آلهتنا لتنصرنا في الحروب؟ ". فأجابه: " كيف تكون تلك التماثيل آلهة؟ اعلم أنه لا إله إلا اللـه وحده الذي خلق السماء والأرض، وابنه يسوع المسيح الذي تجسد ليُخلص البشر، فلو كنت تؤمن به لكنت في هذا المُلك سعيدا ".
فحاول الإمبراطور إغراءه لترك المسيحية فرفض، فاستشاط غضبا، وأمر أن يُقيَّد بالسلاسل، ويؤخذ إلى روما ليُلقى للوحوش.فبادر إغناطيوس بتقبيل السلاسل، التي ستكون وسيله إلى نواله إكليل الشهادة. وقد سعى المؤمنون أن يُخلصوه بدفع أموال للجند، فرفض لأنه كان مُتعطشا للاستشهاد.وذهب في طريقه إلى أزمير وكتب منها رسالة للمسيحيين بروما، من فقراتها:" أخشى أن تكون محبتكم ضررا. فإذا أَردتم أن تمنعوا الموت عني، فلا يعسر عليكم ذلك. ولكن ائذنوا لي أن أُذبح حيث أُعدَ المذبح. أنني حنطة ينبغي أن أُطحن لأكون خبزا يُقدَّم ليسوع المسيح. وحيثما لا تعود تشاهدني ألحاظ البشر، أُشاهد أنا ربّنا يسوع المسيح ".
ولمَّا وصل إلى روما طرحوه للوحوش، فهجم أسدٌ وأمسكه من عنقه، فأسلم الروح بيد الربِّ، ثم تركه الأسد وعاد إلى مكانه. فحمل بعض المؤمنين جسده بإكرام عظيم إلى مكان أَعدوه له في أنطاكية.