انطونيوس
كوكب البرية وأب الرهبان
نشأته:
من أهل الصعيد من جبس الأقباط ، ومسيرته عجيبة طويلة إذا استوفيناها شرحاً.. وانما نذكر السير من فضائله:
انه لما توفى والده دخل إليه وتأمل وبعد تفكير عميق قال : تبارك اسم الله: اليست هذه الجثة كاملة ولم يتغير منها شئ البتة سوى توقف هذا النقس الضغيف فأين هى همتك وعزيمتك وامرك وسطوتك العظيمة وجمعك للمال. اى ارى الجميع قد بطل وتركته.. فيالهذه الحسرة العظيمة والخسارة الجسيمة.
ثم نظر إلى والده الميت وقال: ان كنت قد خرجت انت بغير اختيار فلا اعجبن من ذلك ، بل أعجب انا من نفسى ان عملت كعملك.
اعتزاله العالم:
ثم انه بهذه الفكرة الواحدة الصغيرة ترك والده بغير دفن ، كما ترك كل ما خلفه له من مال واملاك وحشم ، وخرج هائماً على وجهه قائلاً : ها أنا أخرج من الدنيا طائعاً كيلا يخرجونى مثل أبى كارها.
توغله فى الصحراء:
لم يزل سائراً حتى وصل إلى شاطئ النهر حيث وجد هناك جميزة كبيرة فسكن هناك ، ولازم النسك العظيم والصوم الطويل ، وكان بالقرب من هذا الموضع قوم من العرب ، فاتفق يوم من الايام ان امرأة من العرب نزلت مع جواريها إلى النهر لتغسل رجليها ورفعت ثيابها وجواريها كذلك، فلما بأى القديس انطونيوس ذلك حول نظره عنهن وقتا ما ظنا منه انهن يمضين. لكنهن بدأن فى الاستحمام فى النهر! فما كان من القديس إلا ان قال لها : يا امرأة : اما تستحين منى وانا رجل راهب! اما هى فأجابت قائلة له : اصمت با انسان. من اين لك ان تدعو نفسك راهباً؟ لو كنت راهباً لكنت البرية الداخلية لان هذا المكان لا يسلح لسكنى الرهبان.
فلما سمع انطونيوس هذا الكلام لم يرد عليها جواباً. وكثر تعجبه لأنه لم يكن فى ذلك الوقت قد شهد راهباً ولا عرف الاسم. فقال فى نفسه ليس هذا الكلام من هذا المرأة لكنه صوت ملاك الرب يوبخنى وللوقت ترك الموضع وهرب إلى البرية الداخلية واقام بها متوحداً لأنه ما كان فى هذا الموضع احد غيره فى ذلك الوقت وكان سكناه فى قرية قديمة كائنة فى جبل العربة ، صلاته تكون معنا آمين.
ملاك يسلمه الزى:
وكان يوماً جالساً فى قلايته ، فاتت عليه بغتة روح صغر نفس وملل وحيرة عظيمة ، وضاق صدره فبدأ يشكو إلى الله ويقول : يارب انى احب ان اخلص ، لكن الأفكار لا تتركنى فماذا اصنع؟ وقام من موضعه وانتقل إلى مكان اخر وجلس. واذا برجل جالس امامه ن عليه رداء طويل متوشح بزنار صليب مثال الاسكيم ، وعلى رأسه ( كوكلس ) قلنسوه شبه الخوذة وكان جالساً يضفر الخوص، واذ بذلك الرجل يتوقف عن عمله ويقف ليصلى ، وبعد ذلك جلس يضفر الخوص. ثم قام مرة ثانية ليصلى ثم جلس ليشتغل فى ضفر الخوص وهكذا.. اما ذلك الرجل فقد كان ملاك اللله الذى ارسل لعزاء القديس وتقويته اذ قال لانطونيوس " اعمل هكذا وانت تستريح ".
من ذلك الوقت اتخذ انطونيوس لنفسه ذلك الزى الذى هو شكل الرهبنة وصار يصلى ثم يشتغل فى ضفر الخوص: وبذلك لم يعد الملل يضايقه بشدة. فاستراح بقوة الرب يسوع المسيح له المجد.