@ بحث تاريخي في زيادة كلمة ( والابن ) في دستور الإيمان :
إن زيادة كلمة (والابن ) علي النص الأصلي لدستور الإيمان قد صارت سببا لما ثار من مناقشات حادة وانتقادات لاذعة بين الشرق والغرب .فانبثاق الروح القدس من الآب والإبن تعني في المفهوم اللاهوتي الشرقي إنه يوجد مصدرين لإنبثاق الروح القدس تارة من الآب وأخري من الإبن . وقد بحث في هذا الأمر أحد الباحثين يدعي د.(بوس ) ودافع عن حق البابا في الحذف والإضافة وهذا غير صحيح لأن الحقائق الإيمانية التي يقرها مجمع مسكوني لاتكون عرضة لأن يعدلها فرد مهما كانت رتبته بل تخضع لرأي الكنيسة الجامعة بأكملها ولنا مثال علي ذلك حينما حاول الملك قسطنطين أن يضغط علي القديس أثناسيوس لقبول أريوس جاء رد أثناسيوس قاطعا " أن من حرمه مجمع لا يعود إلا بمجمع " . .
لقد ظهرت هذه الزيادة أولا في أسبانيا حوالي 400 م لمحاربة تعاليم شيعة تدعي بريسليانيست . وفي سنة 589م طلب مجمع طليطلة الثالث الحاضرين التوقيع بأسمائهم علي دستور الإيمان مع وجود الزيادة فيه . ومن ذلك الوقت صار هذا النص بزيادة كلمة "والإبن " هو النص المقبول في أسبانيا وتمت تلاوته مع الزيادة في مجمع طليطلة الثامن 653 م والثاني عشر 681 م .حدث كل هذا في أسبانيا دون أن تعرف روما بذلك .وانتشرت هذه الزيادة بسرعة البرق في الغرب وتم قبول هذه الزيادة في كل مكان في الغرب ماعدا روما.وفي سنة 809 م عقد شارلمان مجمعا في اكس لاشابل وأرسل ثلاثة مندوبين روحيين لبحث هذا الموضوع مع البابا لاون الثالث ولكن البابا لاون عارض تلك الزيادة لأن المجامع المسكونية منعت إدخال أية زيادة علي ما وضعته من قوانين وأصبح الدستور يقرأ بزيادة كلمة "والإبن " في فرنسا بينما يقرأ بدونها في رومه . وأمر البابا لاون الثالث بنقش دستور الإيمان - بدون الزيادة - باللغتين اللاتينية واليونانية علي لوحين من الفضة وعلقهما علي منبر الاعتراف في كنيسة القديس بطرس وبعد قرنين من هذا الحدث ذكر القديس داميان أن اللوحين مازالا في موضعهما وبعد قرنين آخرين يصرح بطريرك القسطنطينية انهما مازالا معلقين في مكانهما . وفي سنة 1014 م قام البابا بندكتوس الثامن بإدخال الزيادة ليس اقتناعا بها وإنما استجابة لإلحاح هنري الثامن ملك جرمانية ومن ذلك الحين نزعت صفيحتا الفضة من كنيسة القديس بطرس .
الأدلة علي خطأ هذه الزيادة :
+ أولا الأدلة الكتابية :
- " وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم إلي الأبد . روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله " (يو 16:14)
- "وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شئ ويذكركم بكل ما قلته لكم " (يو 26:14)
- "ومتي جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي " ( يو 26:15)
+ ثانيا الأدلة من أقوال الآباء :
1-قال القديس باسيليوس الكبير " كما أن الكلمة شيد السماء هكذا الروح القدس الصادر من الله الذي من الآب ينبثق " …. وقال أيضا " كما أن الابن مولود من الآب وحده هكذا الروح القدس منبثق من الآب وحده
2-قال القديس غريغوريوس أسقف نيصص " إن خاصية الانبثاق هي من الآب فقط "
3- قال القديس يوحنا الدمشقي " إن الإبن مولود من الآب والروح القدس هو أيضا من الآب ليس بالمولوديه بل بالانبثاق ".
+ أقوال بعض آباء الكنيسة الغربية :
- قال القديس ايرونيموس " إننا مؤمنون بالروح القدس أيضا الذي من عند الآب ينبثق " .
- قال القديس داماسوس " إن كل من لا يقول أن الروح القدس هو من الآب أم يقول إنه من الإبن فليكن مفروزا " .
هذا بالإضافة للأدلة اللاهوتية التي تبين بوضوح انبثاق الروح القدس من الآب فقط والتي سيتم دراستها في منهج اللاهوت العقيدي .
وقد طرح هذا الموضوع للمناقشة في العصر الحالي في الحوار بين الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية ولكن دون الوصول لشي .فنطلب من الله أن يوحد كنيسته لتصير "رعية واحدة لراع واحد " لأن جسد السيد المسيح واحد لا ينقسم .