البابا بطرس خاتم الشهداء

البابا بطرس خاتم الشهداء
البابا 17

+ ولد من أبوين بارين يشبها زكريا وأليصابات لكونهما لم يرزقا أطفالا وكانا سالكين حسب وصايا الله وأنجبا ابنهما بعد صلوات حارة لسنين طويلة وكان أبوه قسيسا مثل زكريا وأمه سيدة تقية وكانت قد ذهبت للكنيسة ذات يوم للاحتفال بذكري الرسولين بطرس وبولس فاستشفعت بهما بدموع غزيرة وفي تلك الليلة رأت حلما شيخين بثياب بيض قالا لها " لا تحزني فإن الله سيرزقك ولدا سيكون أبا لشعب عظيم فمتي استيقظتي في الصباح فاذهبي إلي البابا ثيؤناس وأخبريه " وفعلا ذهبت إلي البابا ثيؤناس وأخبرته بما رأت فباركها وصلي لها .
+ ولدت هذه الأم التقية ابنها بطرس ولما بلغ الثانية عشرة من عمره رسم شماسا ثم قسا واشتهر بتعمقه في العلوم اللاهوتية والمدنية مما أهله أن يعين مديرا لمدرسة الإسكندرية اللاهوتية وينال لقب " المعلم البارع في الدين المسيحي "
+ كان بطرس ذو إيمان حار فوهبه الله نعمة إجراء الآيات وحدث ذات يوم أن كان المؤمنون مجتمعين للصلاة في الكنيسة وبعدما انتهوا وجدوا علي بابها رجل مصاب بروح نجس يرميهم بالحجارة فدخلوا إلي داخل الكنيسة فرارا منه وأخبروا البابا ثيؤناس فاستدعي غبطته القس بطرس وطلب إليه إخراج الروح النجس فاستحضر الأب بطرس وعاء ماء وطلب إلي البابا أن ينفخ في الماء بنفسه الطاهر وأخذ الماء ورش به وجه المصاب فشفي في الحال . أحبه شعب الإسكندرية جدا لما له من فضائل وحينما دنت ساعة البابا ثيؤناس التف حوله بعض تلاميذه باكين قائلين " هل تتركنا أيتام يا أبانا المبجل " فابتسم وأشار إلي القس بطرس وقال " هذا أبوكم الذي يرعاكم من بعدي " وفعلا تحققت النبوة وصار بطرس البطريرك ال17 .
+ لم يكد البابا بطرس يتولى المهمة حتى ظهر ميليتيوس أسقف ليكوبوليس ( أسيوط) الذي بخر للأوثان فعقد البابا بطرس مجمعا وحرمه فلم يذعن للحكم وتمادي في ضلاله وأخذ في رسامة أساقفة أطلق علي أحدهم لقب " أسقف الإسكندرية " ونجح في اكتساب الكثير ومنهم أريوس القس الليبي . وفي هذه الأثناء ثارت ثورة دقلديانوس علي المسيحيين في أنحاء الإمبراطورية فلقد ذهب دقلديانوس ليستشير الآلهة في أمر هام في الهيكل الوثني واصطحب معه رجال البلاط ومنهم المسيحيين فأنتهز الكاهن الوثني الفرصة وقال لدقلديانوس " إن الآلهة لا تتكلم في حضرة أعدائها " فأصدر الإمبراطور أوامره بطرد كل الذين لا يبخرون للأوثان من البلاط الإمبراطوري ومن الجيش وأصدر مرسومة بدك الكنائس وإحراق الكتب المقدسة وحرمان المسيحيين من الوظائف العامة ولكن الكثير منهم صان إيمانه مفضلا العذابات وبعد أيام شبت النار في القصر الإمبراطوري فازداد دقلديانوس غضبا علي المسيحيين وأصدر ثلاث مراسيم أخري : الأول يقضي بسجن الأساقفة والثاني بتعذيبهم والثالث القضاء علي المسيحيين جميعا وفي مقدمتهم زوجته وابنته اللتان اعتنقا المسيحية .
+ استمر الاضطهاد عدة سنوات وفي السنة الرابعة شعر البابا بطرس بأهمية وضع قوانين تطبق علي الجاحدين التائبين وخصوصا أن قداسته كان ينوح كثيرا علي هؤلاء وبعد أن وضع قداسته هذه القوانين وجه اللوم إلى الذين يعترضون علي صوم الأربعاء والجمعة مبينا أهميته منذ الأيام الأولي للكنيسة لأن مؤامرة اليهود علي السيد المسيح تمت يوم الأربعاء والصلب تم يوم الجمعة وقضي أيضا بعدم الامتناع عن الأكل يوم الأحد لأنه قيامة الرب .
+ خمدت نيران اضطهاد دقلديانوس وزميله غالاريوس في الغرب قبل الشرق ويشبه المؤرخين البابا بطرس بأنه مثل موسى النبي في أنه رأي أرض الموعد من أعلي الجبل ولم يسمح له الرب بدخولها هكذا القديس بطرس قد سمع أن نيران الاضطهاد خمدت في الغرب وأن غالاريوس وهو علي فراش الموت قد أطلق للمسيحيين حرية العبادة ولكن شاء الله أن يستشهد بطرس فداء عن شعبه .
+ أمر دقلديانوس بالقبض علي البابا بطرس رغم شيخوخته ومكانته في القلوب وكان سبب ذلك شكوى أحد الأشراف من أن زوجته غادرت أنطاكية وجاءت مع أولادها للإسكندرية ليعمدهم البابا بطرس وفي الطريق هبت عاصفة عليهم فخشيت المرأة أن تغرق المركب دون أن يظفر ولداها بنعمة الصبغة فجرحت ثديها اليمني ورسمت علامة الصليب بدمها علي كل منهما قائلة " أعمدك باسم الآب والإبن والروح القدس" ثم هدأت العاصفة ووصلت المرأة للإسكندرية وذهبت للكنيسة يوم أحد التناصير وطلبت من البابا بطرس أن يعمد أولادها وإذ ماء المعمودية يتجمد مرة واثنين وثلاثة وحينما استفسر قداسته عن الأمر أخبرته بما حدث معها ففرح جدا ومدح إيمانها .
+ وفي تلك الأثناء وقبل أن يلقي الجند القبض علي قداسة البابا بطرس حاول أريوس أن ينال الصفح منه فقال له في حدة " إنك ملعون من فم الثالوث الأقدس" ثم أخذ قداسته تلميذيه أرشلاوس والكسندروس وروى لهما رؤيا الثوب الممزق.... وقال لهما " عندما أعود إلي أبي السماوي تجلسان أنتما الواحد بعد الآخر علي الكرسي المرقسي وإياكم أن تقبلا أريوس في شركة الكنيسة كونا ثابتين ساهرين علي الإيمان بكل حكمة" .
+ سيق قداسته للسجن فتجمهر الشعب حول السجن يريد أن يفدي راعية فخاف قداسته علي شعبه واتفق مع الجند أن يمهلوه حتى يهدئ ثورة شعبه فخطب فيهم وطالبهم أن يعودوا إلي بيوتهم فأطاعه الجميع وعندئذ أعطي إشارة للجند فساقوه إلي مكان الاستشهاد فطلب منهم زيارة المقصورة التي تحتوي علي رأس مارمرقس فسمحوا له وأمام الرأس المقدس انحنى البابا بطرس علي ركبتيه وصلي قائلا " يا الله تقبل حياتي فداء عن شعبك " وحينئذ سمع صوت يقول له أمين" ولما انتهي من الصلاة تقدم الجند فوجدوه شجاعا يسطع وجهه بنور سماوي لا يوصف فذهلوا ولم يجسر أحدهم أن يدفع يده عليه فأخرج الضابط المسئول 25 قطعة من الذهب ووعد بها من يقطع رأسه فتجاسر أحدهم وضرب العنق المقدس فاستشهد القديس .
+ انتشر الخبر في المدينة فتجمع المؤمنين وأخذوا الجسد للكنيسة المرقسية وأجلسوه علي كرسي البابوية الذي لم يجلس عليه القديس طوال حياته تواضعا منه وكان دمه هو آخر دم يسفكه دقلديانوس ولهذا يلقب بخاتم الشهداء .. أما دقلديانوس فلقد ضربه الله بالعمي والجنون حتى اضطر قادة جيشه لخلعه عن العرش وقبل موته اعتنت به سيدة مسيحية متمسكة بتعاليم المسيح " أحسنوا إلي مبغضيكم "
‌‌‌‌‌‌‌‌
# ملخص قوانين البابا بطرس لقبول التائبين :
+ الذين لاقوا العذاب وأنكروا الإيمان إنما فعلوا ذلك لضعف بشريتهم وماداموا ندموا لمدة ثلاث سنوات دون أن تقبل توبتهم فهم مطالبون بأن يصوموا 40 يوما بتقشف ثم يقبلون في شركة الكنيسة في عيد القيامة .
+ الذين سجنوا فقط وقاموا بأداء فريضة التوبة 3 سنوات مطالبون بالمداومة علي توبتهم سنة أخري قبل أن يقبلوا في شركة الكنيسة .
+ الذين لم ينلهم أذى ولكنهم خافوا مقدما مما قد يقع عليهم من الألم ثم أعلنوا ندمهم مطالبون بالمثابرة علي أعمال التوبة سنة أخري فإذا قدموا أثمار تليق بالتوبة ينظر في أمر قبولهم للكنيسة .
+ الذين يصرون علي الجحود ثم يتوبوا ثم يجحدون فيتركون لمصيرهم التعس .
+ الذين هربوا من العذاب لا يحسبوا ضمن الجاحدين ولكن عليهم أن يصنعوا أثمار تليق بالتوبة لمدة 6 شهور لأنهم تحايلوا علي إخفاء الحقيقة دون أن يجهروا بإخفائها .
+ العبيد الذين سجنوا عوضا عن أسيادهم ثم جحدوا مطالبون بتقديم توبة سنة كاملة أما أسيادهم مطالبون أن يقدموا ثمار توبة 3 سنوات .
+ الإكليريكيون الذين قهرهم الضعف البشري فجحدوا الإيمان ثم تابوا يقبلون في شركة الكنيسة ولكنهم يحرمون من الكهنوت .
+ الذين تخلصوا من العذاب بأن دفعوا للحكام المال الذي فرض عليهم تقبل توبتهم لأنهم وأن كانوا لم يتألموا في الجسد إلا انهم تألموا فيما يقتنون .
+ الذين هربوا من الاضطهاد تقبل توبتهم بلا شرط ولا قيد .
+ الذين تكممت أفواههم وأحرقت أياديهم لدفعهم للتبخير للأوثان فإنهم يعدون من المعترفين لأنهم نالوا هذا العذاب في سبيل الإيمان .