القديس البابا ديونسيوس
البطريرك أل 14
+ كان طبيبا من الصابئة ( يعبدون النجوم واتبعوا يوحنا المعمدان وجمعوا بين التعاليم البابلية والفلسفات اليونانية) محبا للعلم اشترى يوما بعض رسائل القديس بولس من امرأة عجوز ولما قرأها اشتاق لمعرفة المزيد فأرشدته العجوز أن يذهب إلي أحد الكهنة لينال ما يريد .. فقصد أول كنيسة فأعطاه الكاهن كل ما لديه من كتب وحدثه عن السيد المسيح فاعتنق المسيحية والتحق بمدرسة الإسكندرية تحت إدارة أوريجانوس فتعلم ديوناسيوس الفضائل والعلم من معلمه .
+ رسم شماسا ثم كاهنا وصار أحد المعلمين في مدرسة الإسكندرية وحينما صار ياروكلاوس بطريركا عين ديوناسيوس مديرا للمدرسة ثم اختير بطريركا بعد البابا ياروكلاوس سنة 241 م ش .
+ كان أول ما قام به البابا ديوناسيوس بعد البطريركية هو إرسال خطاب إلي اوريجانوس ليجدد رفع الحرم عنه ويرجوه أن يعود للإسكندرية إلا أن أوريجانوس اعتذر عن ذلك .
+ لم تمض مدة قليلة علي رسامته حتى آثار أحد العرافين الشعب السكندري ضد المسيحيين فاندلعت نار الاضطهاد داخل المدينة وراح ضحيته العديد من المسيحيين ولم تلبث نار هذا الاضطهاد أن تأججت وعمت أرجاء الإمبراطورية في عهد الإمبراطور داكيوس الذي أمر بالقبض علي البابا ديوناسيوس وأخذوه إلي خارج الإسكندرية واستطاع سكرتيره الهرب وقابل أحد المؤمنين فأعلمه بأمر اعتقال البابا فأصر المؤمنون علي إنقاذ باباهم .. فتمكن بعض الأفراد من اقتحام المنزل وخطف البابا وأقنعوه أن يلجأ للصحراء .وفي الصحراء لم تنقطع صلة البابا بشعبه فقد كان يرسل لهم رسائل التشجيع من عزلته .. لأنه علم البابا أن الإمبراطور قد أمر بفصل جميع الموظفين المسيحيين من مصالح الدولة .. وقد اعتني البابا ديوناسيوس بغير بشعبه أيضا إذ أرسل خطاب إلي فابيوس أسقف أنطاكية يصف فيه الأهوال التي لاقاها المصريون في سبيل عقيدتهم وناح بشدة علي الذين أنكروا إيمانهم .
+ وبمجرد انتهاء الاضطهادات عاد البابا ديوناسيوس إلي عاصمة كرسيه في عهد الإمبراطور غايوس ولكن وباء الدفتريا تفشي في الإسكندرية فانتهز الوثنيين الفرصة ليستثيروا الإمبراطور ضد المسيحيين إذ ادعوا بأن رضاه عنهم قد أغضب الآلهة فقام الإمبراطور بالفتك بالمسيحيين ولكن حياته لم تستمر طويلا إذ خلفه فاليريانوس الذي سالم المسيحيين فانتهز البابا الفرصة وقام بزيارة رعوية لشعبه ليثبتهم في الإيمان .
+ وفي أثناء جولته وصل إلي مدينة أرسينو ( الفيوم ) فواجه أسقفها تيبوس صاحب البدعة الألفية وعقد مجمعا ناقش فيه هذه البدعة وقرروا فسادها فاقتنع نيبوس وأتباعه بخطئهم وأعلنوا توبتهم جهارا
+ وبعد أن نجح البابا في تثبيت شعبه وجه عنايته خارج إيبارشيته فبعث رسالة ثانية إلي فابيوس أسقف أنطاكية خاصة بقبول توبة العائدين إلى الإيمان بعد أن جحدوه .
+ عرف البابا ديوناسيوس بعد ذلك أن كاهنا من كهنة الكنيسة الرومانية اسمه ( سابليوس) قد تسلل للإسكندرية وأخذ في نشر بدعته وهي أن الأقانيم ما هي إلا خيالات أو تعبيرات مختلفة لشخصيه واحدة .. وقد وصف البابا هذه البدعة بأنها تجديف علي الله الآب ضابط الكل .. وعلي ابنه الوحيد بكر الخلائق .. وعلي الروح القدس فتولي إدحاضها فاتهمته روما بأنه كاد أن يجعل كلا من الأقانيم الثلاثة قائما بذاته .. فكتب البابا ديوناسيوس إلي أسقف روما يثبت أرثوذكسيته فقام الأسقف الروماني بعقد مجمع حرم فيه سابليوس وبدعته .
+ وبعد انتقال الأسقف الروماني قام نزاع بين نوفاسيانوس وكرنيليوس عل اعتلاء كرسي روما فلقد ذكا الأول 3 أساقفة ووضعوا أياديهم عليه أما الثاني فلقد زكاه الشعب كله ووضع بقية الأساقفة أياديهم عليه فأرسلوا للبابا ديوناسيوس ليحكم في الأمر فأرسل إلي نوفاسيانوس رسالة نصحه فيها بالتخلي عن الكرسي حفاظا علي سلام الكنيسة إلا أنه رفض لأنه كان محبا للرئاسة فعقد مجمعا في روما وتم قطعه من الكنيسة هناك . وقد قابل نوفاسيانوس ( نوفاتوس) قطعه بإذاعته لبدعة أن جاحدي الإيمان لا تقبل توبتهم إلا بعد إعادة معموديتهم وقابله مبتدع آخر هو القس فليكسيموس ببدعة عكسية أن الجاحد إذا حصل من أحد الشهداء قبل استشهاده علي رسالة تتضمن المغفرة فإن هذه الرسالة تحل محل القانون الكنسي الذي يعيده إلي حظيرة الإيمان .. وعقدت المجامع هنا وهناك وأجمع الآباء ( مجمع قرطاجنة الثاني) أن المصطبغين من يد الهراطقة هم وحدهم الذين يجب أن تعاد معموديتهم إلا أن استفانوس أسقف روميه رفض هذا الرأي ورأي أن الذين تعمدوا من هراطقة لا تعاد معموديتهم فرفض جميع الأساقفة الشرقيين رأيه .. وتدخل ديوناسيوس برسائله لحسم هذا النزاع
+ فوجئ المسيحيون بنقض الإمبراطور فاليرنانوس لعهد السلام واستدعي البابا ديوناسيوس وطلب منه أن ينكر إيمانه فرفض البابا ذلك وأعلن إنه لن ينكر فاديه فحكم الوالي بنفيه في مجاهل صحراء ليبيا .. ودبر الله أن يكون نفيه سببا لبركة الكثيرين حيث قام بتعليم أهل منطقة " خفروليبيا " المسيحية بالإضافة إلى استمراره في إرسال الرسائل الفصيحة لأبنائه .
+ ونتيجة لذلك غضب الحكام الرومان منه فنفوه إلي منفي آخر في (كولوثيون ) وكانت مأوي للصوص ولكنها كانت قريبة من الإسكندرية فلم يلاقي من اللصوص إلا كل تبجيل واحترام .
+ واجه أيضا الاستهزاء ومصادرة الأملاك والجوع فقابل كل ذلك بهدوء وإيمان راسخ .. ودام منفاه ثلاث سنين ونصف وكان قد قال للوالي " وأعطي سلطانا أن يفعل اثنين وأربعين شهرا" ( رؤ5:13) فكانت بمثابة نبوءة عن مدة نفيه لأنه عاد بعد مقتل فاليريانوس علي يد الفرس .
+ تقدمت به الأيام وظهرت في الإسكندرية بدعة ( بولس الساموساطي) وكان من أهالي الإسكندرية ورسم أسقفا علي أنطاكية ونادي أن أقنومي الروح القدس والإبن هما شئ واحد وأن الكلمة قد أتي إلي الأرض وحل في الإنسان يسوع المسيح " فانعقد مجمع في أنطاكية 262م دعي إليه البابا ديوناسيوس ولكن نظرا لشيخوخته لم يستطيع الذهاب ولكنه كتب رسالتين إلي المجمع الانطاكي وإلي بولس الساموساطي نفسه وقد استند المجمع في حكمته بتجريد بولس من الكهنوت إلى رسالة إلى البابا ديوناسيوس وأما ديوناسيوس نفسه فلم يري نهاية هذا المجمع لأنه انتقل قبل نهايته .