صلاته:
1 – القديس بولا البسيط
( تلميذ الانبا انطونيوس )
اقام القديس انطونيوس بالبرية الداخلية فوق مدينة اطفيح بديار مصر مدة ثلاثة ايام. وبنى له قلاتة صغيرة وهو قريب من وادى العربة.
وكان ذلك الوقت رجل علمانى ، شيخ كبير ، يقال له بولا اعنى بوس كان ساكنا فى مدينة اطفيح واتفق ان ماتت زوجته وتزوج امرأة صبية وكان له خيرات واموال كثيرة كان قد ورثها.
فدخل يوماً من الايام إلى بيته ، فوجد احد خدامه على السرير مع زوجته فقال لزوجته مبارك لك فيه ايتها المرأة ، مبارك له فيك ، اذ اخترتيه دونى.
ثم اخذ بردته عليه ، ومضى هائما على وجهه فى البرية الداخلية ، وبقى محتاراً تائهاً زماناً طويلاً إلى ان اتفق انه وقف على قلاية القديس انطونيوس ، فقرع باب القلابة. فلما رآه القديس عجب منه غاية العجب ، لأنه لم يكن بعد قد رأى انساناً بهذه الصفة ، فسلم على القديس وسجد له على الارض بين يديه فأقامه القديس وعزاه وفرح به غاية الفرح ثم جلس عند القديس اربعين يوماً ملازماً الزهد الكامل والوحدة الصعبة.
فلما كمل له اربعون يوماً ، قال له القديس : يا بولس اذهب إلى حافة الجبل وتوحد ، وذق طعم الوحدة.
فمضى بولس كما امره عمل له مثل مربك شاة وفى غضون ذلك احضروا إلى القديس انطونيوس رجلا اعتراه روح من الجن فلما نظره القديس عجب منه ، ثم قال للذى احضره : اذهب به إلى القديس بولس يشفيه لانى عاجز عنه. وهذه هى أول تجاربه فعملوا كما امرهم القديس واحضروه بين يدى القديس بولس وقالو له معلمك الاب انطونيوس يأمرك ان تخرج هذا الشيطان من هذا الإنسان وكان القديس بولس ساذجاً فلوقته اخذ الرجل المريض وخرج إلى خارج الجبل وكان الحر شديداً وكانت الشمس مثل وهج النار فقال: يا شيطان استحلفك كما امرنى معلمى انطونيوس انك تخرج.. واذا بدا العدو الشيطان يتكلم على لسان الإنسان المريض ويضحك ويشتم ويقول : من هو انت ومن هو معلمك انطونيوس المختال الكذاب فقال له بولس: انا اقول لك ايها الشيطان انك تخرج من هذا الإنسان وان لم تخرج انا اعذب نفسى ثم طلع القديس بولا على حجر كان يتقد كأنه جمر نار واخذ حجر اخر على رأسه وقال : باسم الرب يسوع المسيح وباسم صلوات معلمى مار انطونيوس العظيم انى سأظل هكذا إلى ان اموت ولابد ان اعمل طاعة معلمى ، وتخرج ايها الشيطان كما امر معلمى وبقى هكذا واقفاً والعرق ينصب منه كالمطر ونبع ( نزف ) الدم من فمه وانفه والناس حوله مندهشون فلما رأى الشيطان ذلك صرخ باعلى صوته فقال : العفو العفو! والهروب الهروب من شيخ يقسم على الله بزكاوة قلبه حقاً لقد احرقتنى بساطتك ثم خرج من ذلك الإنسان وصرخ الشيطان ايضاً قائلاً : يا بولا لا تحسب انى خرجت من اجل دمك وخروجه (اى نزف دمه ) لكن احرقتنى صلاة انطونيوس وهو غائب ولما سمع الحاضرون تعجبوا بركة صلواتهم تحفظنا آمين.
2 – قصة شفاء ابن الملاك الافرنج
اخبروا عن القديس انطونيوس ان ملك الافرنج كان له ولد ، وكان وارثاً للملك بعده ، فلقحه جنون وصرع ، فجمع كل علماء بلاده فلم يقدر احد ان يعينه ويشفيه.
ثم اتصل به خبر القديس انطونيوس الصعيدى ، فأرسل إليه رسله بهدايا جليلة ولما وصلوا إليه لم يشأن ان يقبل شيئاً من الهداية اة يفرح بالسمعة ، وكان يكلمهم بترجمان.
وقال لتلميذه : بماذا تشير على يا ابنى؟ هل اذهب ام ابقى؟ قال له: يا أبى ان جلست انت انطونيوس وان ذهبت فانت انطونه ، وكان التلميذ يحبه ولا يشتهى ان يفارقه ، فقال له القديس وانا اريد ان اكون انطوانه.
وفى تلك الليلة عمل صلاة فى الدير وسار إلى بلاد الافرنج وحملته سحابة بقوة الرب يسوع المسيح ودخل إلى مدينة الملك وجلس على باب دار الوزر كمثل راهب غريب ولما عبر وزير الملك وكان الليل قد حل امره الوزير بالدخول إلى منزله ، وبينما هم على المائدة واذا بخنزيرة فى بيت الوزير كان لها صغار عمياء واحدها اعرج احضرتها والقنها بين يدى القديس الذى خاطب الوزير قائلاً: لئلا تظن ان الملك فقط يريد شفاء ابنه! ثم صلب على اورد الخنزيرة ، وبصق على أعين العمياء منها وابراها. فدهش القوم جداً وصاروا كأنهم أموات ، ووصل الخبر الى الملك فأحضره للوقت وأبرأ ابنه وقال: أيها الملك بلغنى انك ارسلت الى انطونه المصرى وانفقت مالك واتبعت رسلك ولاجل هذا انفذنى الله اليك. ثم ودعه وانصرف الى ديره.
وفى اليوم الثانى تقابل معه رسل الملك وطلبوا منه الذهاب معهم لشفاء ابن الملك. فقال لهم اسبقونى وانا احضر خلفكم. فرجعوا واثقين بكلامه ، وقاسوا فى عودتهم شدائد كثيرة من تعب البحر وهول السفر وعند وصولهم سمعوا بشفاء ابن الملك وان قديسا اخر قد ابراه وهكذا قصد القديس انطونيوس ان ينفى عن نفسه الفخر والعظمة ولكن السيد المسيح لم يشأ ان يخفى فضائله وتحققت اخباره فى بلاد الافرنج فتعجب الرسل جداً كيف حضر القديس من بلاده الى بلادهم فى ليلة واحدة وتكلم بلسانهم وفى اليوم التالى كان عندهم فمجدوا الله كثيراً.
من سيرة حياته للرهبانية وقوانين نسكه